انفجار مقديشو.. ماذا وراء عودة حركة "الشباب" إلى استهداف العاصمة بالسيارات المفخَّخة؟
2024-07-22682 مشاهدة
مساء الرابع عشر من تموز/ يوليو 2024 اهتزَّت العاصمة الصومالية على وَقْع انفجار سيارة مفخَّخة أمام مقهى (توب كافي) ، مما أسفر عن مقتل 9 أشخاص من المدنيين وإصابة نحو 9 آخرين، حيث كان المقهى مكتظّاً بالزبائن المتوافدين لمتابعة نهائي بطولة "يورو 2024".
لم تتأخر حركة الشباب عن إعلان تبنيها للانفجار مع تغيير الرواية الرسمية التي بثّتها الحكومة الصومالية، مؤكدة أنها استهدفت مركزاً للحكومة الصومالية في منطقة المجمع الرئاسي في العاصمة، مما أدى إلى مقتل وإصابة 35 شخصاً على الأقل.
تسلط العملية الأخيرة الضوء على سياقات متزامنة يجدر الوقوف عندها، أبرزها قدرات حركة الشباب المجاهدين التي أعلنت الحكومة الصومالية مرات عديدة عن قرب تدمير قدراتها وتفكيكها، إلى جانب أخطار لجوء حركة الشباب إلى استهداف مواقع عسكرية ومدنية بالسيارات المفخخة، بالتوازي مع بيان الإمكانيات التي تتمتع بها الحركة في اختراق تحصينات العاصمة الأمنية واستهدافها عشرات المرات خلال 2024.
بلغ عدد عمليات حركة الشباب باستخدام السيارات المفخَّخة منذ بداية 2024 ضد المدنيين والقوات الحكومية والأجنبية 15 عملية، اثنتان منها في تموز/ يوليو الجاري حيث استهدفت الحركة في مطلعه باستخدام سيارة مفخخة قوات جيبوتية وصومالية في قاعدة عسكرية في ولاية هيران وسط الصومال، علماً أن القاعدة كانت تابعة لبعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال (ATMIS) وكانت في طور التسليم للحكومة الصومالية عندما هاجمتها حركة الشباب.
إن العمليات الأخيرة، سواء عملية ضرب قاعدة "أتميس" أثناء تسليمها للجيش الصومالي أم استهداف مقهى وسط العاصمة تُعَدّ مؤشراً واضحاً على مدى القوة التي لا تزال حركة الشباب تحتفظ بها في الصومال بالرغم من الحملات العسكرية المستمرة ضدها منذ آب/ أغسطس 2022.
من المؤكد أن الحوادث الأخيرة ستعطي إشارات حول مستقبل الصومال إثر الانسحاب الإفريقي المزمع حتى نهاية 2024، وهو ما يوضح -بحسب التسريبات المتتالية- تعنُّت الحركة في مبدأ التفاوض مع الحكومة، حيث تدرك أنها تستطيع استمالة العديد من القبائل لصالحها وسط الصومال وجنوبه من جهة، وقدرتها على خوض معارك مستمرة ضد الحكومة الصومالية لفترات طويلة، وهو ما يمكن أن يدفع الاتحاد الإفريقي لتهيئة الظروف لتشكيل بعثة جديدة تحلّ مَحلّ بعثة حفظ السلام الإفريقية بهدف مساندة الحكومة الاتحادية.
من جانب آخر، قد أشارت مصادر إلى وجود شبكة من الحوثيين ومسؤولي تهريب تدير عمليات تهريب أسلحة من اليمن إلى الصومال، مما يسمح بوصول أجزاء منها إلى حركة الشباب، وبالرغم من إمكانية عقد صفقات غير مباشرة بين الطرفين، إلا أن العائق الأيديولوجي بينهما يمكن أن يشكل مانعاً من عقد اتفاقات جوهرية بينهما، نظراً للاختلافات الطائفية والعقائدية بينهما وغياب أهداف مشتركة، وبالتالي فإن إمكانية شراء الحركة أسلحة من شبكات قريبة من الحوثيين لا يندرج في إطار التطبيع أو الشراكة بقدر ما يندرج بالاستفادة من الموارد المتاحة لتعزيز قدرات الحركة العسكرية، خاصة مع وجود مؤشرات على تصاعُد نشاط الحركة عَبْر هجماتها وسعيها للسيطرة على عدد من القرى والبلدات في ولايات الوسط الصومالي، في بداية -على الأرجح- لإمكانية شنّ هجمات على أهداف أمنية وسياسية ومدنية في المنطقة إثر إخراجها منها بين عامَيْ 2011-2012.